كلمة رئيس مجلس الأمناء : أ.د داود عبد الرازق البازبسم الله الرحمن الرحيم ان اللجوء الى التحكيم كآلية لحل المنازعات معروف منذ القدم فقد عرفه المجتمع الروماني واليوناني قبل الميلاد , وكذلك الشعوب العربية قبل ظهور الاسلام . وقد أكدته أيضاً الشريعة الاسلامية السمحاء , وفي العصر الحالي عمدت الدول الى تبني التحكيم كآلية لحل المنازعات في تشريعاتها الداخلية إن كانت في إطار قوانين خاصة مستقلة أو في أطار قوانين أصول المحاكمات المدنية . وبالرغم من ظهور الدولة الحديثة وما وجد منها من سلطات واهمها السلطة القضائية فإن ذلك لم يؤثر على تطور وازدهار التحكيم في إطار العلاقات القانونية الداخلية والخارجية , بفعل ظهور وتطور الصناعة والتجارة والاستثمار الدولي مما يتطلب المعاملات والمبادلات التجارية والذي رافق ذلك التعقيدات القانونية من جهة تحديد الإختصاص القضائي والقانون الواجب التطبيق على المنازعة وغيرها من الامور القانونية .
فلا يكاد أي عقد من عقود التجارة الدولية يخلو من شرط يتم بموجبه اتباع التحكيم عند حدوث نزاع او خلاف حول تفسير او تنفيذ ذلك العقد , أن قواعد التحكيم الدولي اصبحت معروفة فيما بين التجار او من قبلهم , والاسباب التي تدفع إلى اللجوء الى التحكيم تنطلق من الحسنات التي يتصف بها نظام التحكيم وخصوصاً في إطار العلاقات الدولية , إذ يقوم على تبسيط إجراءات الفصل في النزاع والتحرر من الشكليات بغية فصل النزاع بأقصى سرعة ممكنة , والسرية في المحاكمات التحكيمية من حيث عدم جواز نشر اسماء اطراف النزاع او الحكم , كذلك إمكانية تعيين محكمين ذوي خبرة بالنزاع , هذا وإن عدم وجود قضاء دولي مختص بنظر المنازعات التجارية التي تنشب بين العاملين في التجارة الدولية يشكل السبب الأهم في اللجوء إلى التحكيم .
ولا بد من القول ان المؤسسات والمراكز والمنظمات الدولية ساهمة بوضع قواعد خاصة بالاجراءات التي تتبع في سير عملية التحكيم , وتدريب المحكمين على هذه القواعد الدولية لخدمة اوطانهم في اصدار اوتعديل او تطبيق قوانين تعالج مسائل التحكيم الدولي والداخلي . فقد وضعت لجنة القانون التجاري الدولي التابعة للامم المتحدة قواعد خاصة بالتحكيم سميت بقواعد التحكيم للجنة القانون التجاري الدولي ووضعت قانون يسمى بالقانون النموذجي للتحكيم تستطيع الدول ان تتخذه مصدرا ودليلا لنطوير قوانينها الخاصة بالتحكيم , بحيث تكون منسجمة مع ما يحصل من تطورات في التجارة والاستثمار والصناعة الدولية .
وان الاتحاد الدولي العربي للتحكيم ليس بعيداً في رؤيته ورسالته عن هذه الافكار النيرة حيث يسعى الاتحاد الى خلق جيل من المحكمين العرب قادرين على التعامل مع المنازعات الداخلية والدولية , من خلال تدريبهم وتجهيزهم بكافة الاساليب التدريبية الحديثة ومن الناحية النظرية والعملية , بحيث يكتسبون الخبرة العملية في حل المنازعات , ان الاتحاد الدولي العربي للتحكيم يحمل هدفاً سامي من قوميته العربية الاصيلة , وهو اعادة الثقة في غرف التحكيم العربية .
بحيث تلجاء الاطراف العربية لها بدل من غرف التحكيم الاجنبية , حيث ان 75% من المنازعات الدولية التي تحل عن طريق التحكيم هي منازعات عربية , لذلك يجب ان نحاول بكل جهدنا وخبرتنا مساعدة المعنين في الدول العربية على انشاء هذه الغرف من خلال اعداد المحكمين المنتسبين لها . ان واقع التطوير في الاقتصاد العربي الذي يضمن الامن والامان للمجتمعات يستلزم واجب من كل جهة ان تتقدم بالمساعدة , وبوضع لبنة فوق لبنة سيتكون جدار من القوة التي تحمي المستقبل . |